تقرير القاضي بشير العكرمي
لمحة موجزة عن مسيرتي المهنية والتي ناهزت زهاء الأربعة وثلاثين سنة بدايتها تعود الى تاريخ 16 جانفي 1989 ،شغلت خلالها سبعة وعشرون سنة مكافحة الجريمة، وخاصة الجريمة المنظمة( مكافحة الإرهاب والفساد المالي ) لمدة 10 سنوات بداية من سنة 2012 الى حدود سنة 2021
,وساعرض فيما يلي مشكلتي التي انطلقت منذ سنة 2013 وتحديدا أثناء مباشرتي لخطة قاضي تحقيق اول بالمحكمة الابتدائية بتونس ،حيث تم تعهيدي بتاريخ 6 فيفري 2013 بالبحث في قضية اغتيال الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد شكري بلعيد ورغم عدم تدربنا في مجال مكافحة الإرهاب خلال تلك الفترة الا اننا نجحنا بامتياز في كشف خيوط ارتكاب هاته الجريمة بمساعدة ضابطة عدلية غير مدربة بدورها على التعاطي مع قضايا الإرهاب ولكن النجاح كان حليفنا ،وختمت الأبحاث في هاته القضية ضمن قرارختم بحث أول ضمن تحت عدد 26427/13 بتاريخ افريل 2014 وهو قرار ختم بحث تضمن كل تفاصيل ارتكاب تلك الجريمة تخطيطا وتمويل وتنفيذا, هذا القرار الذي خضع لمراقبة قضائية عليا من طرف دائرة الاتهام المسؤولة الأولى عن مراقبة سلامة اعمال قاضي التحقيق واقعا وقانونا ثم خضع لمراقبة المحكمة العليا وهي محكمة التعقيب وقد اقرت هاتين الجهتين القضائيتين سلامة كافة اعمال التحقيق واحيلت تبعا لذلك القضية على الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس لمقاضاة مرتكبي عملية الاغتيال مع الإشارة انه تم إبقاء الأبحاث مفتوحة في ملف اقتضت الإجراءات تفكيكه تحت عدد 26427/13 مكرر في انتظار القبض على بعض المتهمين الذين كانوا .آنذاك متحصنين بالفرار
اشير أن أطرافا سياسية خلال مباشرة الأبحاث في تلك القضية وهما كل من حزب الوطنيين الدمقراطيين الموحد وحزب حركة الشعب سعت الى التأثير على السير العادي للأبحاث وبذلت قصارى جهدها للتأثير على قراري القضائي عبر مختلف وسائل الاعلام وعبر تكثيف الندوات الصحفية والايهام بأن الأبحاث منقوصة وتولت نشر عديد الشكايات الإدارية ضدي لدي التفقدية العامة بوزارة العدل ولدى النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس ساعية لاجباري على توجيه الاتهام السياسي لخصوم ايديولبوجيين وسياسيين لهم والحال أن ملف القضية خال مما يفيد ادانة تلك الأطراف ،الا انني تمسكت باستقلالية قراري القضائي وحيادي ووقوفي على مسافة من جميع الأطراف,كل هاته الشكايات الإدارية انتهت بعد بحث معمق من طرف التفقدية العامة بوزارة العدل وبعد اخضاع هذه القضية للتفقد من طرف فريق تفقد من وزارة العدل في ثلاث مناسبات باتخاذ قرار في الحفظ، اما الشكايات الجزائية فانتهت بدورها بالحفظ .ولكن تلك الاحزا ب السياسية تمادت في تكثيف الحملات الإعلامية ضدي ونشر شكايات كيدية انتقاما مني لعدم انصياعي لطلباتها المخالفة للقانون.هاته الأحزاب السياسية لا تزال تكثف الشكايات ضدي لحد اليوم رغم مغادرتي لمكتب التحقيق منذ سنة 2016 .
خلال فترة مباشرتي لخطة قاضي تحقيق اول بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب باشرت البحث في ثلاث قضايا هامة ذات بعد عابر للحدود ,تعلقت القضية الأولى بالهجمات الإرهابية التي طالت متحف باردو بتاريخ 18 مارس 2015 والتي خلفت عدد 23 ضحية ومئات الجرحى من مختلف الجنسيات , خصوصية هذه القضية تتمثل في أن الضابطة العدلية التي تم تكليفها في البداية بإدارة الأبحاث تورطت في اعمال تعذيب وحشي حاد بالابحاث عن مسارها الطبيعي واضطررت اثر اكتشافي ذلك الى سحب الأبحاث منها وتعهيد ضابطة عدلية أخرى بمباشرتها من جديد بعد أن تم رفع تقريرين الى النيابة العمومية الأول ضد كوادر واطارات أمنية تورطت في واقعة التعذيب والثاني ضد مسؤولين بوزارة الداخلية وهما المدير العام للشؤون الأمنية والمتفقد العام بوزارة الداخلية لضلوعهما في جريمة التعذيب وتدليس محاضر البحث ،وقد تم فتح بحث تحقيقي في الغرض.
هاته الإجراءات والاعمال القضائية دفعت الجهات الأمنية المذكورة الى اضمار العداء لي منذ تلك الواقعة واتخاذي الإجراءات المذكورة سابقا وعمدت الى شن حملة إعلامية ممنهجة ضدي مع الإشارة ان هاته القضية تمت ادارتها بطريقة مهنية ومحترفة بشهادة الجهات القضائية الأجنبية التي تابعت الأبحاث معنا عن طريق انابات قضائية دولية , هاته الدول هي فرنسا وبلجيكيا وإيطاليا وألمانيا واسبانيا وايرلندا وانقلترا وجنوب افريقيا وغيرها …وقد تم عقد عدة لقاءات مع هاته الجهات القضائية الأجنبية بمكتب “اروجيست ” بلاهاي ” بلغت قرابة 13 لقاء .
اما القضية الثانية فهي المتعلقة بالهجمات الإرهابية التي طالت نزل “امبريال مرحبا” بسوسة بتاريخ 26 جوان 2015 والتي خلفت عدد 39 ضحية منها 30 ضحية حاملة للجنسية الانقليزية والتي بينت في البداية ملامح التطور الحاصل على مستوى تخطيط التنظيمات الإرهابية باعتبارها كانت مثالا لتطور تقني غير مسبوق في التخطيط لارتكاب هجمات من هذا المستوى ورغم ذلك تم كشف كل مرتكبي الأفعال الاجرامية المذكورة , هاته الأبحاث تمت مباشرتها بحضور مميز للقضاء الانقليزي عن طريق المحكمة العليا الانقليزية التي عينت قضاة لمتابعة الأبحاث عن طريق انابات قضائية دولية رغم انعدام التجربة في هذا المجال مع القضاء الانقليزي مع كذلك حضور لوحدة مكافحة الإرهاب ببريطانيا (سكوتلانديارد) .
ورغم النجاح الذي حصل في هاته القضية بكشف كل خيوطها الا انه تبين لنا ان الجهات الأمنية الحامية للسلاح والمعنية بحماية الشريط الساحلي الذي وجد به النزل المستهدف المذكور قد ارتكبت تقصيرا يرتقي الى مرتبة الجرم بعدم تدخلها لايقاف نزيف الجرائم التي ارتكبت داخل النزل وهو ما دفعنا الى مباشرة ايقافات ضد الجهاز الأمني المذكور وهو ما خلف رد فعل سلبي من قبل الجهات الأمنية ضدي
كل هاته الوقائع جعلت مني خصما لأطراف سياسية واطراف أمنية
القضية الثالثة تتعلق بعملية تدفق السلاح من ليبيا الى البلاد التونسية وخاصة المناطق الجبلية وكشف كافة العناصر الضالعة فيها وقد أثارت بدورها جدلا إعلاميا واسعا .
أردت أن أشير الى القضايا ذات البعد الدولي ورغم الصعوبا ت التي اعترضتنا أثناء ادارتها اعتبار للتطور الغير متوقع والغير مسبوق للتنظيمات الإرهابية في التخطيط لارتكابها من خارج البلاد وداخلها الا اننا توصلنا الى كشف كل الأطراف الضالعة في ارتكابها وختمت الأبحاث فيها وخضعت للمراقبة استئنافا وتعقيبا وصدرت فيها أحكاما باتة دون أن تثير أي انتقاد ،بل أنه تم تكريمنا من طرف المحكمة العليا ببريطانيا ومن طرف مركزية مكافحة الإرهاب بأنقلترا خلال خمسة مناسبات لان هاته البلدان تحترم وتقدس استقلالية القضاء ولاتجيز وتمنع التدخل في القضاء وتكرم الكفاءات،والحال أن قضية اغتيال المرحوم شكري بلعيد لا تزال تراوح مكانها دون أية إجراءات بتأثير وتدخل من أطراف حزبية سعت للحيلولة دون فصلها لاستثمارها سياسيا وهو ما جعلها تسعى لا للبحث عن حقيقة اغتيال المرحوم شكري بلعيد كما توهم بل لاستهداف كل لم يستجب لطلباتها ،مع العلم أني غادرت مكتب التحقيق منذ سبع سنوات والقضية تراوح مكانها اعتبارا لان حقيقة اغتيال المرحوم شكري بلعيد والتي توهم أحزاب سياسية أنه لم يتم كشفها وأنه تم التستر على الجناة
مضمنة بقرارختم البحث المذكور أعلاه دون سواه .
بتاريخ شهر جويلية 2016 حصل شغور على مستوى وكالة الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس ,فتقدمت ترشحي لهاته الخطة بمعية اثني عشر مترشحا من القضاة الى الهيئة الوقتية للقضاء العدلي والتي تولت آنذاك مراسلة التفقدية العامة بوزارة العدل للتأكد من عدم وجود شكايات او أبحاث تاديبية ضدي تحول دون توفر شروط ترشحي لهاته الخطة، وقد ورد الجواب من التفقدية العامة بانه لا يوجد شكايات او أبحاث جارية تأديبية ضدي تحول دون ترشحي المذكور, وبتاريخ غرة اوت 2016 تم التصويت لفائدتي لتقلد تلك الخطة الوظيفية , أشير الى ان خطة وكيل جمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس تشمل الاشراف على القطب الاقتصادي والمالي وكذلك القطب القضائي لمكافحة الإرهاب ،وهو اختصاص حصري حكميا وترابيا ،الى جانب قضايا الحق العام.
خلال فترة مباشرتي لتلك الخطة والتي استمرت الى حدود شهر سبتمبر 2020 تمت مباشرة الأبحاث في عدة قضايا معقدة أثارت جدلا على مستوى وطني واقليمي ودولي
قضية فساد الرئيس الأول لمحكمة التعقيب ،أو قضية ما يعرف بقضايا النقض بدون إحالة ،اذ بتاريخ 7 جانفي 2020 تم تعهيدي من طرف مجلس القضاء العدلي بالبحث في شبهة فساد تحوم حول صدور قرارين تعقيبيين خلال صائفة 2019 وبالتحري تبين لي أن الرئيس ألاول لمحكمة التعقيب ضالع في الفساد وأن الامر يتعلق بعديد القرارات التعقيبية التي تشمل فساد مالي لرجال أعمال وجهات سياسية ،مع الإشارة أن الرئيس الأول لمحكمة التعقيب عضو بالمجلس الأعلى للقضاء وهو ما دفعه بمعية البعض من أعضاء هذا المجلس للتخطيط لتنحيتي من خطة وكيل الجمهورية .
-قضية ما يعبر عنه امنيا بقضية كل من المدير العام للمصالح المختصة عماد عاشور ومدير الوحدة الوطنية لمكافحة الإرهاب صابر العجيلي وتورط فيها الرئيس الأول لمحكمة التعقيب ورئيس الحكومة آنذاك يوسف الشاهد .
-قضية تورط المدير العام للمصالح الفنية بوزارة الداخلية بمعية شخصيات سياسية في التنصت الوحشي و خارج الأطر القانونية .
-ما يعبر عنه بقضية المنيهلة
-قضية حادث مرور ارتكبته ابنه وزير النقل انذاك أنور معروف .
-قضية ما أصطلح على تسميته إعلاميا ومن طرف جهة سياسية (الجهاز السري لحركة النهضة )
-قضية أحداث العنف التي حصلت داخل مجلس نواب الشعب
هاته القضايا الى جانب قضايا أخرى تمت مباشرتها من طرف وكالة الجمهورية وهي قضايا لها علاقة بأمن الدولة وأتحفظ حاليا عن ذكر تفاصيلها لاعتبارات يتعذر علي بدوري ذكرها ولكنها كانت سببا بالإضافة الى ما ذكرته سابقا لتحالف لوبي فساد قضائي ومالي وسياسي وحزبي واعلامي للانتقام مني باعتباري تمسكت باستقلالية القرارالقضائي وحياده .
هاته القضايا دفعت لوبي فساد مالي وقضائي وسياسي الى التخطيط لازاحتي من خطة وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس بتاريخ شهر أوت 2020 وقد صاحبت تلك التنحية حملة إعلامية مسعورة شنتها الأحزاب السياسية التي بقيت تضمر لي عداء اثناء مباشرتي الأبحاث في قضية اغتيال شكري بلعيد وكذلك النقابات الأمنية والجهات السياسية المرتبطة بلوبي الفساد المالي والقضائي،وهو ما تم فعلا اذ تورط جزء من أعضاء مجلس القضاء العدلي في هاته المؤامرة
تم الطعن من طرفي في قرار التنحية من الخطة المذكورة والصادر عن مجلس القضاء العدلي لدي المحكمة الإدارية المعنية بمراقبة قرارات هذا المجلس وصدر قرار بتاريخ .31 ديسمبر2020تحت عدد ..214310 .قضى بإلغاء قرار التنحية من خطة وكيل الجمهورية واعتباره قرار غير شرعي قد انحرف بالسلطة باعتباره صدر تحت تاثير جهات سياسية واعتبرت المحكمة ان مجلس القضاء العدلي قد انحرف بسلطته وقد تم اعلام المجلس بهذا القرار ليقوم هذا الأخير بالطعن في قرار المحكمة الإدارية فصدر قرار عن الجلسة القضائية العامة للمحكمة الإدارية بتاريخ 13 أفريل 2021 تحت عدد 319689 برفض الطعن أصلا وتاييد قرار الإلغاء باعتباره كان سليما أي أن قرار التنحية كان غير شرعي وتم اعلام المجلس الأعلى للقضاء قصد تنفيذه وارجاعي الى الخطة الوظيفية المذكورة الا انه لم يذعن لذلك.
أشير أنه بعد تنحيتي من خطة وكيل الجمهورية عمدت جهات سياسية الى الدفع في اتجاه تكوين ملف تأديبي لي وتم احياء الشكايات الإدارية القديمة والتي تعود الى فترة مباشرتي الأبحاث في قضية اغتيال المرحوم شكري بلعيد والتي كان مآ لها آنذاك الحفظ, هاته الشكايت تقدم بها من جديد حزب الوطنيبين الديمقراطيين الموحد وانتهت باحالتي على مجلس التأديب رغم تمسكي بان الشكايات المذكورة ذات طابع كيدي بحت وتم البت فيها من سابق وانتهت بالحفظ الا ان الجهات السياسية التي تتحكم في مفاصل التفقدية العامة بوزارة العدل رفضت الرجوع الى مآل تلك الشكايات السابقة وخلال شهر جوييلة من سنة 2021 وأثناء مثولي أمام مجلس التأديب قامت اطراف سياسية بشن حملة إعلامية واسعة رافقت اعمال مجلس التأديب في حين انني كنت ملتزما بواجب التحفظ وقد انتهت تلك الحملة بصدور قرار عن مجلس القضاء العدلي بتاريخ 13 جولية 2021 بايقافي عن العمل واحالة ملفي على النيابة العمومية
وحيث تم الطعن في هذا القرار لدى المحكمة الإدارية التي أصدرت قرار بتاريخ 20 جانفي 2022 تحت عدد 215183 قضي بإلغاء قرار مجلس القضاء العدلي كليا باعتباره قرار غير شرعي وتم اعلام مجلس القضاء العدلي بهذا القرار الا انه تولى الطعن فيه امام الجلسة القضائية العامة للمحكمة الإدارية المتركبة من عدد 23 عضوا والتي أصدرت قرارها بتاريخ 2 جوان 2022 تحت عدد 320548 برفض الطعن أصلا وتأييد قرار الإلغاء أي اعتبا رقرار مجلس القضاء العدلي معدوما الا أن الجهة السياسية الفاعلة أي رئيس الدولة تولى بتاريخ 1 جوان 2022 اعفائي من صفتي كقاضي والحال أن الجهة القضائية الإدارية متعهدة بالملف وأصدرت قرارا قضائيا باتا يلزم كافة ا لاطراف وأن الموضوع اتصل به القضاء.
أشير الى أنه بتاريخ 29 جويلية 2021 تولى وزير الداخلية باذن من رئيس الدولة اصدار قرار بوضعي تحت الإقامة الجبرية تنكيلا بي الى حدود موفى شهر سبتمبر .كما أشير أنه منذ ايقافي عن العمل بتاريخ 13 جويلية 2021 تم حرماني وعائلتي من مرتبي الشهري ومن التغطية الصحية مع العلم أن ابني يدرس خارج الوطن وليس له مورد كما أن ابنتي تزاول تعليمها الجامعي،وأصبحت دون مورد رزق.
أوجه هذا النداء الى كل المنظمات الوطنية والدولية المعنية للتدخل قصد وضع حد لهاته المأساة وحمايتي،مع الإشارة أني تحفظت عن ذكر بعض التفاصيل لاعتبارات تتصل بسلامتي.
-كل الاحكام والقرارات ا لادارية الصادرة في الغرض متوفرة لدي.